
بيطلَع الدكتور ديب ثروت والمريض فريد أبو ريادة من غرفة الفحص، بيجعَص د. ثروت على كرسي مكتبه الواسع، بيلف سيجارة وبيولّعها، بينفث دخّانها وبيتأمّل بصورة أشعة وبيصفُن بورقة تحاليل مخبريّة.
– طمّني يا دكتور ثروت، شو نتائج الصور والتحاليل؟
* شوف حبيبي فريد.. أنا بحب أكون صريح ودُغري مع المرضى. في خبرين: واحد زفت والثاني حلو وبتقدر تعتبرُه سعيد والأمر بيعتمِد على فلسفتك للسعادة أو إيمانك أساسًا بوجود شيء اسمه سعادة، وشخصيًا بفضّل الراحة على السعادة لإنه… دقيقة إحنا عن شو كنا نسولِف؟
– عن الخبر الزفت دكتور!!
* آه آسف، شتّيت والسيجارة بتودّيك لبعيد بعد يوم طويل.. وبتعرف بتكون كثير حلوة بعد بذل مجهود!
– أي مجهود وأي حلاوة يا دوك.. إنتَ كنت بتفحَصني مش نايم معي!
* هاهاهاهاهاهاهاهاهاها.. يقطَع شرّك، حتى نكتك رياديّة زي اسمك يا أبو ريادة! فآه الخبر الزفت صديقي إنه إنتَ ميّت داخليًا و…
– شو؟! كيف يعني دكتور ديب؟ قلبي قصدَك؟ ولّا دماغي؟ يعني رح أموت قريبًا؟! ولّا أنا هسّه ميت وهذا الحوار كلّه ببقايا الوعي تبعي بعد الموت؟!
* هاهاهاهاهاهاها.. لا، لا.. شوف هو كلّنا رح نموت قريبًا، الأمر بيعتمد على علاقتك بالموت وهل بتخاف منّه وهل بتعتبره حدث سيء وكمان على تعريفك للقرب والقرب نسبي.. فالـ…. ما علينا! لا، قصدي ميّت نفسيًا، مزاجيًا، ومعنويًا وحياتيًا وما عندك رغبّة بأي إشي ومرّات بتيجيك رغبة بالانتحار أو الخلاص الفردي.. أيّ إنّه تخلَص من معاناة الكائن الحي والأشغال الشاقة لمهنة العيش برصاصة طالعة من فرد!
– أووه! الحمد لله طمّنتني وريّحتني. طب الخبر الحلو؟
* وظائف الضحك من الكوميديا السوداء إلّي معبّية الأجواء.. والسُخرية الحلوة من الواقع المُر شغّالة عندك تمام التمام!
ثم ضحك الدكتور ديب ثروت والمواطن فريد أبو ريادة على نحو هستيري استمر لـ69 دقيقة، وفي الخلفيّة كان هناك تلفزيون عريض عليه نشرة إخبارية تخلّلها بيان صحفي عُرِضَت فيه آخر الانتصارات المُظفّرة المجيدة على العدوّ الغاشم الشرير القذر الحقير المسؤول وحده عن موت أبو ريادة داخليًا.. ثم ضَحِكَ الجميع في الخارج بالرغم من موتهم من الداخل، وتأكّدوا من أنّ وظائف الضحك من واقعهم لا تزال “شَغّالة”.


كُتِب في 10 آب 2020