أفراح الإنسان بمؤخّرة أخيه الإنسان

انتشيتُ من جُرعة سعادةٍ زائدة، كادت روحي أن تَغرَق بفائض هرمونها، حين هَبَط عليَّ وَحيُ هذه الفكرة: سأنفذ بجلدي وأحقّق خلاصي الفردي! لكن كل ما هو جميل في هذا الوجود حتى لو كان حُلمًا بسيطًا أو أملًا سخيفًا لا يكتمل، كما هو مقدَّر -وهذه سُنّة الحياة التي لا أدري من كان صاحب فكرة سَنِّهَا ولا فكرة عندي عن السَنَة التي سُنَّت فيها لأوّل مرّة؟!- إذْ هَبَطَت على وجهي النحيل كُتلة لحمٍ بشريٍ ضخمة أطبقَت على أنفاسي، فأدركتُ أنّي قد مِتُّ وجلدي تمّ سَلخُه واستعمالُه لكسوِ مَقعَدٍ خاصٍ بأحد الإخوة الكبار والسادة الأخيار في مدينةٍ مشهورة بين أُمَم الأرض بإتقان فنون اغتِصاب الأحلام الصغيرة والمتوسّطة وممارسة رياضة تدمير ما يُعمِّرُه الناس من مبانٍ لآمالٍ تافهة.

وقبل أن أَسقُطَ في فِخَاخ الإحباط ويأتي اليأس ليفترسني، بعد تجرُّع حقيقة أنّي لنْ أنفذ بجلدي الذي تم سَلخُه ولن يكونَ هُنالك خلاص -فقد تمّ الخلاص مِنّي كما هو واضحٌ وملموسٌ ومحسوس- وجدتُ عزاءً في فكرةٍ أُخرى، فحدّثتُ نفسي.. ومن لي الآن غير نفسي:

يا رَجُل.. انظر للموضوع من زاوية أخرى مُتفائلة وفكّر خارج الصندوق؛ على الأقل أنتَ من الصنف الفاخر وحظّك سعيد ومكانُك فريد؛ فقد أصبحَ جِلدُك مقعدًا لأخٍ كبير وسيّدٍ صاحب خيرٍ كثير، تطأُه أردافٌ منجزةٌ وأفخاذٌ مُنتجةٌ تُحبُّ المُنافَسَة وتَعشَقُ المُزاحَمَة وتَعتَليه مُؤخّرةٌ سمينةٌ مكوّنةٌ من طبقات لحمٍ بَشريٍ بَلديٍ -وأحيانًا مُستورَد- مختلفٌ ألوانه، تعود ملكيَّتُها لأحد أفراد طبقة السادة المُنعَم عليهم لا العبيد المغضوب عليهم كما كُنتَ من قبل. وقد يُحالِفُك الحظّ أكثر ويُصبِحَ شأنُكَ أكبر.. فيُمارِس صاحب هذه المؤخّرة الحُبّ مع مؤخّرةٍ أُخرى عريضة -مع إكسسواراتها- على سَطحِكَ! فكُن شاكرًا لهذا التكريم وافرَح بذلك الامتياز واقرأ عليه سورة الفلق.. فحتمًا سَتَحسِدُك عليه جُلود المَقاعِد الأخرى.

  • كُتِبَ في 16 آب 2020.